حوكمة قطاع الصناعات الاستراتيجية من أجل تحقيق التنمية

الأخبار والموارد

أطلق ائتلاف أنشر ما تدفع مشروعًا لمدة ثلاثة أعوام يهدف إلى تعزيز رقابة المجتمع المدني والمجتمعات على قطاع الصناعات الاستخراجية في كل من العراق ولبنان وكينيا.

في الدول الغنية الموارد، إن إيرادات قطاع الصناعات الاستخراجية قادرة على تغيير حياة الناس، إذ إنها تسهم في تمويل تحسينات ضخمة في البنية التحتية والخدمات، كالرعاية الصحية والتعليم، في حال إنفاقها بالشكل المناسب. غير أن هذه الإيرادات لا تعود بالفوائد المرجوة إن لم يتم تتبّعها تقفّيها بحذر. فالفساد، وسوء الإدارة، والحوكمة الضعيفة كلها عوامل قد تضرب عرض الحائط بقدرة إيرادات النفط والغاز والتعدين على الدفع قدمًا بعجلة التنمية المنصفة.

وللحؤول دون ذلك، تحتاج الدول إلى رقابة قوية من المجتمع المدني، والمجتمعات المتأثرة، ووسائل الإعلام، والأكاديميين، كي يتمكن المواطنون من المطالبة بمساءلة الحكومات والشركات بشأن إيرادات الصناعات الاستخراجية والنفقات على حد سواء. وتجدر الإشارة إلى أن الرقابة الفعالة تتطلب مهارات وموارد غالبًا ما تفتقر إليها هذه المجموعات، إلا أن تأمين الدعم الضروري يسمح للمواطنين باتخاذ التدابير الضرورية لمعرفة ما يحصل فعليًا، وبالحد من الفساد، وبالحرص في نهاية المطاف على أن يعود استخراج الموارد الطبيعية بنتائج إيجابية على الجميع.

الرقابة ضمن القطاع

استجابة لهذا الموضوع، أطلق ائتلاف أنشر ما تدفع مشروعًا لمدة ثلاثة أعوام يهدف إلى مساندة الفاعلين في مجال الرقابة في كل من العراق وكينيا ولبنان. فهذه الدول الثلاث كلها عرضة للفساد، فيما تحتاج منظمات المجتمع المدني، والمجتمعات المتأثرة، والأوساط الإعلامية والأكاديمية إلى دعم مادي وتقني، ودعم على مستوى التنسيق، من أجل رقابة عامة ناجحة وفعالة. من هنا، وبدعم من الوكالة النرويجية للتعاون الإنمائي(NORAD)، سيسهم المشروع في بناء قدرات الجهات الفاعلة في مجال الرقابة، وسيدعم المناصرة من أجل إدارة خاضعة للمساءلة لموارد النفط في هذه البلدان الثلاث.

وفي هذا الصدد، يقول بيار سعادة، منسق المشروع والمنسّق الإقليمي لأنشر ما تدفع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “إنّ الإطار الزمني للمشروع- من العام 2020 حتى العام 2022- يوفّر فرصًا مهمة لإحداث أثر في كل دولة”. ويضيف قائلًا: “فالمشروع يسمح لنا بالعمل مع والتعلم من الدول التي يتواجد كل منها في مرحلة مختلفة ضمن قطاع الصناعات الاستخراجية. الحكومة اللبنانية لا تزل في طور تنمية قطاع النفط في البحر، وبالتالي، فإن المجتمع المدني يضطلع بدور كبير يتمثّل بالحرص على أن تعود إيرادات النفط بالفائدة على جميع المواطنين منذ البداية. أما كينيا، فهي بلد منتج ناشئ، وقد أرسلت مؤخرًا شحنة النفط الأولى، لذلك من الضروري أن تقوم الحكومة الكينية بالإفصاح عن العقود الاستخراجية والإيرادات الضريبية. وأخيرًا، العراق دولة منتجة للنفط، غير أن توزيع الإيرادات لا يزال بعيدًا كل البعد عن الإنصاف والاستدامة، بسبب النزاع في البلاد، والإدارة الضعيفة، والفساد. من هنا، فإن تعزيز الشفافية وتوسيع المشاركة المدنية يكتسيان أهمية كبيرة لتحسين إدارة القطاع واستخدام إيراداته بطريقة مستدامة”.

بناء قاعدة مدنية متينة

سوف يتمّ تحديد نشاطات المشروع وفقًا لكل دولة، مع الإبقاء على بعض المقاربات والنهج المشتركة؛ فتعزيز المجتمع المدني يبقى هو حجر الأساس. وفي هذا الإطار، تقول ديانا القيسي، المديرة التنفيذية للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز: ” في لبنان، يعمل المجتمع المدني في بيئة سياسية حساسة للغاية، مع خبرة تبقى حتى اليوم محدودة من ناحية العمل معًا لأجل معالجة الفساد ومساءلة السلطات وشركات النفط. وتضيف قائلة: “سيبني هذا المشروع التحالفات بين منظمات المجتمع المدني بهدف التوصّل إلى ائتلاف لبناني تابع لأنشر ما تدفع يكون متنوعًا وفعالًا وموحّدًا حول أهداف استراتيجية متّفق عليها”.

سوف يحضر أعضاء أنشر ما تدفع كينيا- منصة المجتمع المدني المعني بالنفط والغاز في كينيا (KCSPOG)- ورشات العمل السنوية لبناء القدرات حول الشفافية، والحوكمة، والمساءلة، وتعزيز القدرات في مجال المناصرة. وإن كتيّبًا تدريبيًا مصممًا لهذه الغاية سوف يساعد أعضاء الائتلاف ووسائل الإعلام على معالجة بعض المسائل، كالإفصاح عن العقود والسياسات الضريبية في المناصرة والتبليغ. وفي هذا الإطار، ستعمل منظمات المجتمع المدني مع الصحفيين بشكل وثيق من أجل نشر التوعية العامة والتأثير على صياغة سياسات أفضل في قطاع النفط.

أما نشاطات المشروع، فمن شأنها زيادة التنسيق، وتحسين الحوكمة، وبناء والقدرات التقنية بين أعضاء التحالف العراقي للشفافية في الصناعات الاستخراجية، وهو ائتلاف أنشر ما تدفع في العراق. كما وسيعمل الأعضاء أيضًا على توسيع الائتلاف، واستقدام مقاربات جديدة وزيادة التنوع، بما يشمل النساء والشباب ومجموعات أخرى متأثرة بإنتاج النفط.

تعزيز مشاركة مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية (EITI) في منطقة الشرق الوسط وشمال أفريقيا

سيكون لائتلافات المجتمع المدني الأقوى فعالية أكبر في مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية (EITI) التي تشكّل آلية رقابة رئيسية. وحتى الآن، لا تزال كل دولة يشملها المشروع في مرحلة مختلفة من مراحل المبادرة. فالحكومة اللبنانية تخطط للانضمام، وبالتالي سيمكّن المشروع المجتمع المدني من المشاركة في المبادرة بشكل استراتيجي، بما في ذلك كيفية تحليل بيانات المبادرة وغيرها من البيانات لبلورة توصيات قائمة على الأدلة. ورغم أن الحكومة الكينية لم تبدِ اهتمامها بالانضمام إلى المبادرة، إلا أن نشاطات المشروع سوف تكمّل العمل المستمر الذي يقوم به الأعضاء من أجل تعزيز مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية.

يقول عضو المجلس العالمي لأنشر ما تدفع وعضو في ائتلاف أنشر ما تدفع العراق السيد عدنان بهية: “العراق يطبّق مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية منذ العام 2010، إلا أن أثر المبادرة يبقى محدودًا بسبب المحسوبيات على المستويين الوطني ودون الوطني. هذا المشروع سيسهم في توسيع عمل الائتلاف وتطويره، وذلك من خلال بناء فهم معمّق لمعيار المبادرة، وتقديم المساعدة الاستراتيجية للأعضاء كي يعملوا ضمن مجموعة أصحاب المصلحة المتعددين على المستوى الوطني، بالإضافة إلى رصد آليات تقاسم الإيرادات، والمطالبة بشفافية العقود. ونحن نقوم بالمناصرة كي تموّل إيرادات النفط التنوع الاقتصادي، مع تسليط الضوء على الآثار البيئية والاجتماعية للصناعات الاستخراجية في العراق”.

وفي كل دولة، ستعمل الائتلافات أيضًا من أجل إمكانية وصول أكبر للمعلومات الضرورية لرصد عمل الحكومات وأنشطة الشركات، والمشاركة الفعالة في عملية صنع القرارات. سوف تعقد الائتلافات الثلاث منتديات تجمع بين الحكومات، وواضعي الأنظمة، والمجتمع المدني، والقطاع، والأوساط الأكاديمية، بغية تبادل المعلومات والخبرات التي تستند إليها الرقابة الفعالة.

تمكين المواطنين من المشاركة في صنع القرارات

إن زيادة الوعي في المجتمعات المحلية وزيادة المشاركة في حوكمة القطاع في كينيا سيكون هدفًا رئيسيًا من أهداف المشروع. وفي هذا الصدد، يشرح المنسق الوطني لأنشر ما تدفع كينيا، تشارلز وانغهو قائلًا: “سوف يتأثر المواطنون على مسافة 800 كيلومتر على طول خط الأنابيب، وبالتالي، يجب أن يتمكنوا من المشاركة في ما يحصل. لذلك، سننظّم ورشات عمل وطنية واجتماعات في دار البلدية كي تفهم المجتمعات حقوقها بشكل أوضح، مستخدمين مواد معلومات سهلة الفهم ومعتمدين مقاربة المسرح التشاركي بهدف إشراك الجميع في مناقشات حول إنتاج النفط والغاز، ما يشكّل نقطة انطلاق نحو المزيد من الانخراط والمشاركة في المستقبل”.

وفي كل من الدول الثلاث، سيعزز المشروع مشاركة المرأة في الرقابة على قطاع الصناعات الاستخراجية. يقول المنسق الإقليمي بيار سعادة: “إن وضع المواطنين، ولا سيما المرأة، في صلب السياسات وعمليات صنع القرارات في حوكمة الموارد الطبيعية لهو خطوة ضرورية وأساسية في المشروع. فلبنان وكينيا والعراق دول تقدّم فرصًا كبيرة للمجتمع المدني من أجل تعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة. ومن خلال بناء ائتلافات مجتمع مدني قوية ومستنيرة ومؤثّرة، سوف يساعد المشروع على صياغة السياسة الاستخراجية والحد من الفساد، كي تعود الإيرادات بالفائدة على جميع المواطنين بشكل عادل ومنصف”.

 

 

Share this content:

Related Resources